Skip to main content

      وليد خازندار      

يتزلق على دمكم كلام كثير

إنحناءٌ إلى الأعلى، كما في صلاة.
الطريقُ الأضيقُ، بابُها الأرحب.
طاقةُ قدرٍ توازي السماء.

أعرفُكم، وتشبهونَ الجميع.
لكنتُ كمن لا أحدَ لهُ
لولا التقاطيعُ التي شَدَّتْ
على وجوهكم، عمري.

بهاؤكم في تجربةٍ
أقوى ما تدافعونَ بِهِ.
نارُكم حولَ الغِناء.
شفتايَ تواكبُكُم، يوشكُ صوتي أن يعود.
لكنكم في غيرِ حاجةٍ
ينزلقُ على دمِكم كلامٌ كثير.

من “أشرعة بلون الفجر”، 2022

أيستجدي‭ ‬أحد‭ ‬بلاده؟

أيستجدي‭ ‬أحدٌ‭ ‬بلادَهُ؟
نحنُ‭ ‬ندفعُ‭ ‬فِدْيتَها‭ ‬كاملةً‭ ‬كُلَّ‭ ‬يوم‭.‬
تُكَلِّفُنا‭ ‬ما‭ ‬نقدرُ‭ ‬عليهِ،‭ ‬وأكثرَ
ما‭ ‬لا‭ ‬يزولُ
ما‭ ‬لا‭ ‬يستعادُ
ما‭ ‬لا‭ ‬يمكنُ‭ ‬استردادُهُ‭ ‬حتَّى‭ ‬بها
ما‭ ‬من‭ ‬أجْلِهِ‭ ‬تكونُ‭ ‬البلاد‭.‬

من “مقاطع ليل”، 2020

أيّامه وعتمتهم

تكفيهِ شمعةٌ في نصفِها
على صحنِ فنجانِ قهوةٍ
حينَ يقطعونَ الكهرباء.
تأتيهِ أُمِّي بعلبةِ الكبريت.
أرى يدَهُ تشكرُ يدَها في نصفِ العتم.

يكملُ، إن كانَ يقرأ.
عندَهُ خمسةُ كُتُبٍ، الأيامُ منها، بالعدد.
يكتُبُ كُلَّ حينٍ رسالةً إلى أخي في الجامعة.
أو إلى عَمِّيَ، من وقتِ أن أخذوهُ، ربَّما تصل.

صرتُ أبصرُ في عتمتِهم، بعدَكَ يا أبي
النقطةَ في آخِرِ سطرِهم.

من “أشرعة بلون الفجر”، 2022

أنفاس

“أيسمعني أحدٌ هُنا”؟
صمتٌ رماديٌّ من الإسمنت.
“أيسمعني أحَد”؟
الساكتونَ تحتَ الخرسانةِ يكتمونَ أنفاسَنا.
يرفعُ رأسَهُ إلى الأكياسِ السوداء.
الشوارع المحروثةُ، لم يصل الهلال.
“قد تكون أرواحهم
تلكَ العصافير البيضاء”.
يقولُ ابن صَفّي
ابنُ جيراننا
منذُ المدارسِ والبيوت.

18 – 4 – 2024

إن كنت لا أحلم

ظلمةُ نافذتي.
النورُ الشاحبُ تحتَ الطابقين.
أبي يراجعُ في الورشةِ
في الوقتِ المتأخّرِ
حساباتِ جروحِ يديه.

من غرفتهِ مع أُمِّي أنّها نائمة.
لا أرى نافذةَ أختي:
من غيرَها، إذَنْ
سيشقُّ ليَ طرفَ البوّابةِ الحديد؟

الأزيزُ المكبوت.
عرباتُ النارِ الثقيلة:
إن كنت أحلمُ سوف أصحو
حين تسطعني الكشّافات.

أنت لم تكن أعمى

ذراعُكَ ممدودة.
أقولُ أنتَ لم تكن أعمى.
كفُّكَ اليُمْنَى أمامكَ، أنتَ بعيد.
اليسرى مُدَلّاةٌ ثقيلة.
أنتَ لم تكن أعمى، أقول.

 الألمُ في يَدٍ، والحبُ في الثانية.
لا أزالُ هنا، وقفتُ حين رأيتُكَ.
لماذا لا تلمسُ صوتي
يدُكَ البعيدةُ؟

 نورٌ جاءَ  قبلكَ
يعلنُ أنِّكَ أخي وصاحبي
وأنّكَ لم تكن أعمى:
لماذا تمدُّ يدَكَ
تلمسُ صوتي، كأنَّك لا تراني؟

23 – 3 – 2024

من جروحها أنّها تلتئم

أرضُ الغُرُوزِ
أرضُ طبقاتِ الزمان.
ما يأتلقُ على صخورها مِلحٌ وصيحات.
من شبابيكِها مراكبُ اللصوصِ
سرابُ النجدةِ
وقتُها ومكانُها المناسبانِ لم يأتيا بعد.
أبوابُها الأفقيّةُ أََوْصَلُ
أرضُ الفلزّاتِ، في حراسةِ العناصر.
إن دخلها عدوٌّ، فاجأتهُ التصاميم.

12 – 3 – 2024

الكلاب صاحت

ساعاتٌ قبل الفجر.
عرباتُ الحريق دخلَتْ ما شاءت وخرجَت.
دخانٌ علا إلى السماءِ، أسود.

البيتُ المحروقُ يجاورُ الجميع.
النداءاتُ والدلاء.
الإطفائيّون الأزليّونَ يعاينونَ الخسائر.
عدنا إلى بيوتنا ولم نعد إلى النوم.

الكلابُ لم تتوقّف عن الصياح.
قد تكون رأت أقماراً تسقطُ
فلم تستطع أن تسكت.
2 – 3- 2024

الصبّار، أطرافه المسنّنة

الزهورُ المألوفةُ، أبناؤهم وبناتُهم.
أحفادٌ، أقاربُ
ما تبقَّى من الأصدقاءِ
بالملابسِ الممكنةِ الغامقة.

تتحركُ فاتحاتٌ على شفاههم.
السنينُ أحصنةٌ تجري بالذكرى:
أسماءُ الأعمارِ، مواليدُها
يومُ الحصولِ على الشهادة.

يمكنُ للقادمِ أن ينسمع.
يكفي أن تمرَّ عاصفةٌ بالأشجار.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Walid Khazendar
walid.khazendar@gmail.com